كيفية إختيار شريك الحياة - الجزء الثاني - بعنوان| تخيروا لنطفكم - كيفية اختيار الرجل لزوجته|
بسم الله الرحمن الرحيم و اللهم صل و سلم على سيدنا محمد خير الخلق أجمعين ، و بعد
* كنا قد أسلفنا القول في الجزء الأول من الموضوع أن الله عز و جل قد خلق السماوات و الأرض و جعل الإنسان خليفة له في الأرض و خلق له العقل ليحسن إستخدام ما إستخلف فيه بهدف إعمار الأرض و الحفاظ على الكون و عبادة الله حتى الوقت المعلوم. و أن في سبيل تحقيق ذلك خلق الله الإنسان من نفس واحدة على هيئئتي ذكر و أنثى و إختص كل منهما بصفات و خصال و غرائز معينة حتى إذا ما إقترنا ببعضهما البعض فيعينا بعضهما على الهدف المنشود من الحياة البشرية، و في سبيل تحقيق ذلك شرع الله الزواج بين الذكر و الأنثى لما فيه من بقاء للنوع الإنساني و راحة و سكينة للنفس و حفظ للأعراض و للأنساب و حتى لا تطغى الغرائز على الإنسان فيضل عن سبيل الله.
* و قمنا بالإستناد على الأدلة الشرعية و الفقهية و عرفنا الزواج بأنه " عقد رضائي بين الرجل و المرأة، يكون فيه أحدهما موجباً و الآخر قابلاً، و موضوعه حل إستمتاع كل منهما بالآخر و ترتيب حقوق متبادلة فيما بينهما على الآخر، و يهدف إلى التناسل و حفظ النوع الإنساني بتكوين أسرة هادئة مستقرة لتكون مناخ جيد لتربية النشأ الجديد من خلفاء الله و يصبحون نعم الخلفاء ، و كذلك لإنتظام حياة الإنسان و تحقيق السكينة النفسية له و إصلاح شؤونه فينصلح حال المجتمع . "
* و في سبيل إختيار شريك الحياة من الرجل أو المرأة و حتى لا يتبع الإنسان الهوى أو المعايير الخاطئة في إختياره فيختار ما لا يصلح و لا يتحقق الهدف المنشود من الزواج، فلم تتركنا الشريعة الإسلامية في حيرة من أمرنا بل وضعت معايير الإختيار الصحيحة حتى يثمر الزواج بالثمرات الطيبة.
* و في هذا الجزء من الموضوع سنتحدث عن المعايير الواجب توافرها في المرأة التي يجب أن يختارها الرجل زوجاً له و شريكة لحياته و أم لأولاده.
فعند إختيار الرجل لزوجته يجب أن يعمل العقل لا العاطفة و الشهوة ، و في ذلك يقول دكتور محمد سلام مدكوة في كتابه الوجيز لأحكام الأسرة في الإسلام- طبعة 1975 - ص 6 :
" فإن الإختيار عن طريق العقل و التفكير السليم الهادئ يضمن حياة مستقرة هادئة، أما الإندفاع وراء النزوات و الأهواء فإن نتيجته دائماً الفشل و الخسران. "
* لذلك نجد أن العاقل الرشيد الصادق الأمين محمد رسول الله (( اللهم صل و سلم عليه )) قد أخبرنا بكيفية إختيار الزوجة التي بها يتحقق الهدف من هذا الرباط الإنساني المقدس ( الزواج) ..
* فلما كان النبي الكريم ( ص ) هو الخبير بالنفس البشرية - مما علمه الله - و يعلم أن الباحث عن الزواج قد يسئ الإختيار و يختار على أسس خاطئة فحثه - صلوات الله و سلامه عليه- على ألا ينظر إلى المعايير الخاطئة و أن يظفر بذات الدين و وضح له من هي الزوجة الصالحة ، فنجده في حديث شريف له يقول :
" تنكح المرأة لأربع لمالها و لحسبها و لجمالها و لدينها فإظفر بذات الدين تربت يداك."
- و عن هذا الحديث الشريف يقول الدكتور محمد سلام مدكور ( المرجع السابق ص
7) :
" النبي قد بين النواحي التي تدور في ذهن الباحث عن الزواج فوضح أن من
الناس من يؤثر ذات المال ليفيد من مالها عوناً له في شئون حياته، و منهم
من يؤثر ذات الجمال ليملأ نفسه بالبهجة و السرور إذا نظر إليها، و منهم
من يفضل ذات الدين و الخلق. و الرسول عليه السلام يحث على إيثار ذات
الدين و الخلق الفاضل السليم.
* و تأكيداً على هذا المعنى ، على إيثار ذات الدين و الخلق السليم عن ذات
الحسب أو المال أو الجمال، فقال الرسول الكريم ( ص ) :
" لا تزوجوا النساء لحسنهن، فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهن، فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة خرماء سوداء ذات دين أفضل "
- و المقصود بقوله "أن يرديهن" أي أن يوقعهن في الهلاك بالإعجاب و التكبر، و المقصود بقوله " أن تطغينهن" أي أن توقعهن في الشرور و المعاصي ، و المقصود بقوله " خرماء " اي مقطوعة بعض من الانف و مثقوبة الاذن كتدليل على أن الدين و الاخلاق الفاضلة هي الافضل من الجميلة أو ذات المال .
و في هذا المعنى يقول سبحانه و تعالى في سورة البقرة الآية 221 :
" وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ"
و تأكيداً على أن الدين و الاخلاق الفاضلة هو المعيار الصحيح لإختيار
الزوجة يقول الرسول الصادق الأمين صوات الله و سلامه عليه:
" الدنيا
متاع و خير متاعها المرأة الصالحة. "
* و لكن لا يعني الظفر بذات الدين هو أخذ المهملة في مظهرها و جمالها بيد أن الجمال نسبي و الله لم يخلق إلا ما هو جميل و خاصة الإنسان فيقول سبحانه في هذا المعنى في سورة التين الآية الرابعة : " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم"
- و هذه الآية تدلل على أن الإنسان مخلوق جميل، و ما يهمنا إيضاحه هنا أن
الإختيار على أساس الدين و الأخلاق الفاضلة لا يعني إختيار من تهمل في
نفسها و نظافتها و جمالها. و نجد أن الرسول الكريم قد أخبرنا عن المرأة
الصالحة و قال :
" ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء ؟ المرأة
الصالحة. إذا نظر إليها سرته و إذا غاب عنها حفظته و إذا أمرها أطاعته.
"
- و الحديث السابق يخبرنا أن إختيار المراة يجب على أساس الأخلاق و الدين و هذه المرأة لكي تصبح الصالحة فيجب أن تسر زوجها إذا نظر إليها ايضاً و هو ما يعني إهتمامها بنفسها من الخارج و من الداخل فيألف لها زوجها و تسر نفسه إذا نظر إليها .
** و بهذا عزيزي القارئ نكون إنتهينا من الجزء الثاني من هذا الموضوع الذي يشغل بال كل من يبحث عن الزواج ، إن شاء الله لنا لقاء قريب في الجزء الثالث و الذي سنتحدث فيه عن كيفية إختيار المرأة لزوجها . دمتم و في رعاية الله **

إرسال تعليق