-->

قائمة المنقولات الزوجية في الشريعة الإسلامية

نظراً لما رأيته من إهانات لقانون الأحوال الشخصية المصري و نعته بأنه لا يوافق الشريعة الإسلامية .. و حيث أنني إكتشفت أن الذين بيذمون في القانون هما نوعان أولهما نوع يجهل الشريعة وثانيهما نوع يريد تطويع القواعد الإسلامية لتكون في صف إدعائه، فقلت أحاول أن أعرض بعض ما وجدته في الشريعة، بخصوص ما يذمون القانون بسببه، في مقالات مستقلة لعلي أرتقي بالوعي لدى الرافضين من الجنسين وكلامي في هذه المقالات سيكون من المذاهب الأربعة أو من القرآن أو من الحديث أو من أساتذة الشريعة في عصرنا الحديث ( و سأذكر مرجعي في كل إقتباس ) ولأن المواضيع طويلة و بها الهديد من التفاصيل فيرجى أنك تحصل على المعلومة التي سأقدمها و تراجعها جيداً لأنني سأتكلم ببساطة و إختصار .

و لنبدأ بأول ذم في القوانين و الذي كان بخصوص

"قائمة المنقولات الزوجية "

قائمة المنقولات الزوجية في الإسلام


* من يعترضون على وجود قائمة المنقولات الزوجية يقولون أنها ليست موجودة في الشريعة الإسلامية و أنها عرف لا علاقة له بالشرع .

و بالتأكيد كلام هؤلاء غير صحيح لأن قائمة المنقولات الزوجية ليست مجرد عرف بل هي تشريع إسلامي واضح و صريح .. و لكن قبل الحديث عنها من حيث الشرع دعونا ندخل بمقدمة مختصرة ..
مقدمة:
** من آثار الزواج أن الزوج يجب أن ينفق على زوجته و هذا الإنفاق له صور عديدة ولكن بشكل اساسي فالزوج ملزم بأنواع النفقة التي أجمع عليها فقهاء المذاهب الأربعة و هم ( الغذاء - الكسوة - السكنى ) و لن أتحدث عن تفصيل كيفية تقدير هذه النفقات و لكن إجمالاً للتفاصيل فالنفقات تقدر على حسب سعة و يسار الزوج و على حسب العرف في المجتمع الذي يعيشون فيه ( فالريف ليس كالحضر و هما ليسا كالصحراء و مصر ليست كأميركا ... إلخ )

* و بشكل مختصر فالنوع الأول من النفقات( الغذاء ) يشمل الطعام و المياه و الأدوات اللازمة لهما من أواني للطهي و موقد و صحون و صنبور المياه و كأس الشرب ... إلخ من أدوات فضلاً عن توفير المواد الأولية التي تطهى كالحبوب و الغموس ... إلخ
* و في هذا الشأن سأقتبس ،من كتاب النكاح من موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ الجزيري ، جزء من رأي المذهب الحنفي و هو كالتالي :
" فإنه يجب على الزوج أن يحضر لها الآلات اللازمة لذلك بحسب البيئة فإذا كانت في بلاد لا تطحن إلا على الرحى وجب عليه أن يستحضر لها الرحى، وإذا كانت في جهات تطحن بغير الرحى كالآلات البخارية والطواحين، فإنه يجب عليه أن يحضر لها الغربال والمنخل، والماعون الذي تعجن فيه وكذا يجب عليه أن يحضر لها آلة الطبخ من كانون ومغرفة وملاعق، ونحو ذلك، على حسب حالها، وعليه أيضاً الماء، فغن كانت في بلد اعتادت نساؤها أن تحضر الماء بنفسها كان عليها احضاره كما في القرى الصغيرة التي تنقل فيها النساء الماء بأنفسهن، وإذا أذن لها في استحضاره، وإلا وجب عليه أن يحضر لها الماء بالوسائل المعتادة من سقاء، أو من شركات المياه - الحنفيات - وعليه أن يحضر لها الماء الكافي للغسل والوضوء والنظافة، وعليه أن يحضر لها الآلات اللازمة لذلك، بما في ذلك الزير والكوز" إنتهى الإقتباس.
* أما عن النوع الثاني من النفقة الزوجية ( الكسوة ) فيجب على الزوج أن يوفر للزوجة كسوة في الصيف و كسوة في الشتاء على حسب العرف فمثلا لا يصح أن يأت لها ببنطال في مجتمع المرأة فيه لا ترتدي إلا النقاب، و لا يصح أيضاً أن يأت لها بملابس ثقيلة في الصيف ولا ملابس خفيفة في الشتاء .
و في هذا سأقتبس من المرجع السابق جزء من رأي المذهب الحنفي و هو كالتالي :
" أما الكسوة فإنها تفرض لها في كل نصف حول مرة، إلا إذا تزوج وبنى بها، ولم يبعث لها كسوة، فإن لها أن تطالبه بها قبل نصف الحول، ويجب أن يلاحظ الفصول في تقدير الكسوة فينبغي أن يزاد لها في فصل الشتاء ما يدفع أذى البرد، وفي فصل الصيف ما يدفع أذى الحر، ويجب أن يلاحظ أيضاً ما جرى عليه العرف بين أمثالها في تقدير الكسوة، وتشمل الكسوة أيضاً ما تلبسه في رجلها من حذاء، وعلى رأسها من مزر ونحوه " إنتهى الإقتباس.
* أما عن النفقة الثالثة ،و هي مربط الفرس في موضوعنا ، فهي نفقة السكنى، فالزوج يجب عليه أن يأت للزوجة بمسكن لائق بحالهما و أن يكون منفرداً لها ( إلا إذا إرتضت أن تعيش مع أهله مع العلم أن المسكن يجب ألا يكون مع ولد الزوج الذي يفهم معنى الجماع فإن كان لا يفهمه فيجب ألا يطأها أمامه ) و يجب أن تتوافر فيه كل أدوات المعيشة من أثاث و دورة مياه و مطبخ و منشر و مصابيح إنارة و فرش و غطاء و صابون العطور و مشط الشعر و ما شابه من أدوات النظافة ..
وفي هذا الشأن سأقتبس من المرجع السابق جزء من رأي الحنفية و هو كالتالي :
" ويشترط في المسكن أن يكون مشتملاً على جميع المنافع اللازمة من دورة مياه، ومطبخ ومنشر تنشر عليه غسيلها، ونحو ذلك مما تقدم في صحيفة ٢٢١ ويجب عليه أن يحضر في المسكن جميع الأدوات اللازمة له بحسب الحالة الأتي بيانها من فقر وغنى، فعليه أن يستحضر الفرش والغطاء والمقاعد، وما يلزم لذلك حسب العرف وعليه أن يستحضر أيضاً ما تتنظف به من صابون ونحوه، وما تزيل به الأوساخ التي تعلق بالشعر، كالمشط والدهن وغير ذلك، مما يستعمل عادة في النظافة، ومن ذلك الروائح العطرية التي تقطع رائحة العرق والصنان، فإنها تجب عليه " إنتهى الإقتباس .

** و يتضح لنا جلياً مما سبق أن الزوجة غير ملزمة بالمنقولات الزوجية و إنما الملزم بها هو الزوج.

* ولكن نظراً للواقع الذي يعيشه المجتع في العصر الحالي من غلاء في المعيشة فالزوج أصبح مكبل بالكثير من الأعباء و لذلك يلجأ إلى إستعارة المنقولات الزوجية سواء من قريب له أو صديق له أو من الزوجة أو من غيرهم ، هذه الإستعارة هي ما يطلق عليها في الشريعة الإسلامية " عارية إستعمال " فهي تستعار من مالكها بغرض إستعماله على أن يردها إلى مالكها ،بعد إنتهاء الإستعارة، بالحالة التي كانت عليها، و حيث أن هذا ديناً على الزوج فينطبق عليه قول الله تعالى في سورة البقرة الآية 282 و التي تنص على :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ .

* و عارية الإستعمال في الشريعة الإسلامية لها الأحكام التي تنظمها.

** و حيث أن المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 1 لسنة الخاص بتنظيم بعض أوضاع و إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية قد نصت على : " .... و يعمل فيما لم يرد بشأنها نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة .... "
- إذن فإن كلامنا عن المنقولات الزوجية المسلمة للزوج (عارية الإستعمال) سيكون من المذهب الحنفي و الذي جاءت أحكامه على أن :

* مدة العارية :

- تنتهي العارية بإنتهاء العلاقة الزوجية أو إذا ما إستعملها الزوج في غير الغرض الذي إستعارها من أجله ( و هي في أغلب الأحيان تكون العلاقة الزوجية بينه و بين الزوجة التي سلمته المنقولات ) أو لوقت يتم تحديده ما بين الزوج و الزوجة عند إنشاء عقد العارية ( ما يطلق عليه عرفاً قائمة المنقولات الزوجية ) أو إذا طلبتها الزوجة في أي وقت سواء إتهت العلاقة الزوجية أو لم تنتهي و لكن إذا ما طلبت المنقولات قبل إنتهاء العلاقة الزوجية فذلك بشرط ألا يضر ذلك بالزوج ، فإن كان سيضر به فله أن يطلب إستخدامها مقابل أجرة تساوي أجرة المثل ، و في هذا المعنى يمكنك مراجعة موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ الجزيري - رحمه الله - في مباحث العارية.

* رد المنقولات الزوجية :

- ترد المنقولات الزوجية للزوجة عند إنتهاء مدة عقد العارية بالحالة التي يمكن بها الإستفادة من هذه المنقولات مثل الإستفادة التي كان يمكن تحقيقها عند تسليم الزوجة للزوج للمنقولات ، و يجب على الزوج أن يحافظ على المنقولات المسلمة له كما لو كانت ملكه بل يجب أن يوليها العناية أكثر مما يولي ممتلكاته ..

و في هذا نقتبس من كلام الشيخ الجزيري ( من المرجع السابق ) الآتي :

" المستعير أمين في نظر الشريعة الإسلامية، لأن العارية التعاون الموجب للتواد ولا معنى لهذا إلا أن يكون كل واحد منهم ذا غيره على مال أخيه، خصوصاً المستعير فإنه ينبغي له أن يبالغ في المحافظة على العارية التي بذلها له أخوه لمجرد المعونة تقديراً لفضله واعترفاً بما له من جميل إذ لا يليق به أن ينسى منه مالك العارية وسماحته فيستهين بماله ويخونه فيما أباحه له من منفعة فيؤديه بذلك، ومن يفعل ذلك يكون ذئباً ضارياً لا يصح أن يكون فرداً من أفراد النوع الانساني الذي لا بد من التعاون والتواد " إنتهى الإقتباس .
- أما إذا هلكت المنقولات و الزوج لم يكن يوليها العناية اللازمة فهنا يحق للزوجة الرجوع عليه برد قيمتها فضلاً عن التعويض عن هلاك المنقولات، إذا ما أصابها ضرر من هذا الفعل، و كذلك يمكن للزوج رد قيمة هذه المنقولات - بدون التعويض - إذا ما كان يحافظ عليها و يعطها العناية اللازمة.
و في هذا الشأن نقتبس من كلام الشيخ الجزيري من المرجع السابق الآتي :
" من أجل ذلك كان الشأن في المستعير المانة والحرص على العارية فإذا أصابها تلف أو هلاك فإن المستعير لا يكون مسؤولاً عنها يكون بمنزلة صاحبها.
أما إذا خرج عن طبيعته واستهان بها فهلكت أو تلفت كان مسؤولاً عنها " إنتهى الإقتباس .

** و مما سبق يا عزيزاتي و يا أعزائي يتضح إلينا أن قائمة المنقولات الزوجية هي جزء من الشريعة الإسلامية و أن كلام بخلاف هذا يكون تسويفاً أو ينم عن جهل بالشريعة الإسلامية و أحكامها ولا يصح الإدعاء كذباً على القانون المصري أنه يخالف شرع الله .

** إن شاء الله سيكون موضوعنا التالي عن الخلع في الشريعة الإسلامية.

**دمتم و إلى لقاء ، مع تحيات / مكتب أحمد طه لأعمال المحاماة ( يمكنك متابعتنا على هاشتاج فيسبوك #بر_حور )